الاعتراف
بصدق إعجاز القرآن
وطلب
المعجزات وجدال قريش
القرآن
كلام الله المعجز لفظا ومعنى، وقد نزّله على الرسول r،
والقرآن نزل بالعربية قال تعالى: ﴿وإنَّهُ
لَتَنزيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ. نزلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ. عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ
مِنَ الْمُنْذِرِينَ. بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾([1])،
ورغم أنه عربي وكان العرب مشهورين بفصاحتهم وبلاغتهم، وكانوا يجتمعون في المواسم
ليظهروا بلاغتهم بإلقاء القصائد والخطب، وكان النوابغ منهم تكتب أشعارهم وتعلق في الكعبة،
فقد تحدى الله العرب في أن يأتوا بمثل القران كما في قوله تعالى في سورة الشعراء: ﴿قُل
لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا
الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾([2])،
ثم تحداهم بعشر سورٍ في قوله تعالى كما في سورة الإسراء: ﴿أَمْ
يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ
وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾([3])،
ثم تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله في سورة هود بقوله تعالى ﴿أَمْ
يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ
اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾([4])،
كان هذا التحدي في مكة واستمر في المدينة كما في سورة البقرة فقال تعالى ﴿وَإِن
كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن
مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ *
فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي
وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾([5]).
وكان
للقرآن وقع عظيم في نفوسهم مسلمهم وكافرهم.
فهذا
الوليد بن المغيرة جاء إلى رسول الله r فقرأ عليه القرآن، فكأنه رقّ له، فبلغ ذلك
أبا جهل فأتاه فقال: يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا، قال: لِمَ؟ قال:
ليعطوكه فإنك أتيت محمدا لتعرض ما قبله، قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالا،
قال: فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك منكر له أو أنك كاره له([6]).
ثم أن الوليد بن المغيرة اجتمع ونفر من قريش
وكان ذا سن فيهم، وقد حضر المواسم، فقال: إن وفود العرب ستقدم عليكم فيه، وقد سمعوا
بأمر صاحبكم هذا، فأجمعوا فيه رأيا واحدا ولا تختلفوا، فيكذّب بعضكم بعضا، ويرد قول
بعضكم بعضا. فقالوا: فأنت يا أبا عبد شمس، فقل، وأقم لنا رأيا نقوم به، فقال: بل أنتم
فقولوا أسمع، فقالوا: نقول كاهن، فقال: ما هو بكاهن، لقد رأيت الكهان فما هو بزمزمة([7])
الكهان، فقالوا: نقول مجنون، فقال: ما هو بمجنون ولقد رأينا الجنون، وعرفناه فما هو
بخنقه ولا تخالجه([8])
ولا وسوسته. قالوا: فنقول شاعر، قال: ما هو بشاعر، قد عرفنا الشعر برجزه([9])،
وهزجه([10])،
وقريضه([11])،
ومقبوضه، ومبسوطه، فما هو بالشعر. قالوا: فنقول ساحر، قال: فما هو بساحر، قد رأينا
السحّار وسحرهم، فما هو بنفثه([12])
ولا عقده، فقالوا: ما نقول يا أبا عبد شمس؟ قال: والله، إن لقوله حلاوة، وإن عليه لطلاوة([13])
وإنه لمثمر أعلاه، مغدق([14])
أسفله، وإنه ليعلو وما يعلا، وأنه ليحطم ما تحته، فما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا
عرف أنه باطل، وإن أقرب القول لأن تقولوا ساحر يفرّق بين المرء وبين أبيه، وبين المرء
وبين أخيه، وبين المرء وبين زوجته، وبين المرء وعشيرته، فتفرقوا عنه بذلك، فجعلوا يجلسون
للناس حين قدموا الموسم، لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه، وذكروا لهم من أمره فأنزل
الله U في الوليد بن المغيرة وذلك من قوله: ﴿ـذرني
ومن خلقت وحيدا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا
مَمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ
أَنْ أَزِيدَ * كَلا إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا* سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا* إِنَّهُ
فَكَّرَ وَقَدَّرَ* فَقُتِلَ كَيْفَ
قَدَّرَ* ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ* ثُمَّ نَظَرَ* ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ* ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ* فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ* إِنْ
هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ * سأصليه سقر﴾([15]).
ومنهم
من تأثر به ودخل في الإسلام كما ورد عن الطفيل بن عمرو الدوسي، رغم محاولات قريش.
فقد
ورد أن الطّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدّوْسِيّ حدث أَنّهُ قَدِمَ مَكّةَ وَرَسُولُ
اللّهِ r
بِهَا فَمَشَى إلَيْهِ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَكَانَ الطّفَيْلُ رَجُلًا شَرِيفًا
شَاعِرًا لَبِيبًا، قَالُوا لَهُ: إنّك قَدِمْتَ بِلَادَنَا وَإِنّ هَذَا الرّجُلَ
-وَهُوَ الّذِي بَيْنَ أَظْهُرِنَا- فَرّقَ جَمَاعَتَنَا وَشَتّتَ أَمْرَنَا
وَإِنّمَا قَوْلُهُ كَالسّحْرِ يُفَرّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَابْنِهِ وَبَيْنَ
الْمَرْءِ وَأَخِيهِ وَبَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَإِنّمَا نَخْشَى عَلَيْك
وَعَلَى قَوْمِك مَا قَدْ حَلّ عَلَيْنَا فَلَا تُكَلّمْهُ وَلَا تَسْمَعْ مِنْهُ،
قَالَ: فَوَاللّهِ مَا زَالُوا بِي حَتّى أَجْمَعْت أَنْ لَا أَسْمَعَ مِنْهُ
شَيْئًا وَلَا أُكَلّمَهُ حَتّى حَشَوْتُ فِي أُذُنَيّ حِينَ غَدَوْتُ إلَى
الْمَسْجِدِ كُرْسُفًا([16])،
فَرَقًا مِنْ أَنْ يَبْلُغَنِي شَيْءٌ مِنْ قَوْلِهِ. فَغَدَوْتُ إلَى الْمَسْجِدِ
فَإِذَا رَسُولُ اللّهِ r قَائِمٌ يُصَلّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ
فَقُمْتُ قَرِيبًا مِنْهُ فَأَبَى اللّهُ إلّا أَنْ يُسْمِعَنِي بَعْضَ قَوْلِهِ
فَسَمِعْتُ كَلَامًا حَسَنًا فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: وَاثْكَلْ أُمّيَاه وَاَللّهِ
إنّي لَرَجُلٌ لَبِيبٌ شَاعِرٌ مَا يَخْفَى عَلَيّ الْحَسَنُ مِنْ الْقَبِيحِ
فَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَسْمَعَ مِنْ هَذَا الرّجُلِ مَا يَقُولُ؟ فَإِنْ كَانَ
مَا يَقُولُ حَسَنًا قَبِلْت وَإِنْ كَانَ قَبِيحًا تَرَكْتُ. فَمَكَثْتُ حَتّى
انْصَرَفَ رَسُولُ اللّهِ r إلَى بَيْتِهِ فَتَبِعْتُهُ حَتّى إذَا
دَخَلَ بَيْتَهُ دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ يَا مُحَمّدُ إنّ قَوْمَك قَدْ
قَالُوا لِي: كَذَا وَكَذَا فَوَاللّهِ مَا بَرِحُوا يُخَوّفُونِي أَمْرَك حَتّى
سَدَدْت أُذُنِيّ بِكُرْسُفٍ لِئَلّا أَسْمَعَ قَوْلَك ثُمّ أَبَى اللّهُ إلّا
أَنْ يُسْمِعَنِيهِ فَسَمِعْتُ قَوْلًا حَسَنًا فَاعْرِضْ عَلَيّ أَمْرَك فَعَرَضَ
عَلَيّ رَسُولُ اللّهِ r الْإِسْلَامَ وَتَلَا عَلَيّ الْقُرْآنَ،
فَلَا وَاَللّهِ مَا سَمِعْتُ قَوْلًا قَطّ أَحْسَنَ مِنْهُ وَلَا أَمْرًا أَعْدَلَ
مِنْهُ فَأَسْلَمْت وَشَهِدْتُ شَهَادَةَ الْحَقّ([17]).
وقد
عرض الطفيل على الرسول r أن يتجه إلى دوس وحصنها المنيع، ولكن الرسول
r
أبى ولعل ذلك كان عند اشتداد مقاومة قريش للدعوة([18])،
ولم يكن الرسول r
حينها يبحث عن ملجئ للدعوة بين القبائل.
وكانت
قريش تعاند الدعوة رغم معرفتها بصدق النبي r،
فعن المغيرة بن شعبة t قال: إن أول يوم عرفت رسول الله r أني كنت أمشي أنا وأبوجهل بن هشام في بعض أزقة مكة، إذ لقينا رسول الله
r
فقال رسول الله r
لأبي جهل: «يا أبا الحكم هلم إلى الله U، وإلى رسوله أدعوك إلى الله» قال أبوجهل: يا
محمد، هل أنت منته عن سب آلهتنا؟ هل تريد إلا أن نشهد أن قد بلغت، فنحن نشهد أن قد
بلغت، فوالله لو أني أعلم أن ما تقول حق ما اتبعتك. فانصرف رسول الله r
وأقبل عليّ، فقال: فوالله إني لأعلم أن ما يقول حق، ولكن بني قصي، قالوا: فينا
الحجابة فقلنا نعم، فقالوا فينا الندوة
فقلنا نعم، ثم قالوا: فينا اللواء فقلنا نعم، قالوا فينا السقاية فقلنا نعم، ثم
أطعموا وأطعمنا حتى إذا تحاكت الركب([19])،
قالوا: منا نبي. والله لا أفعل([20]).
انشقاق القمر:
حكى
لنا القرآن كيف أن الأنبياء جاؤوا بالمعجزات لقومهم ليُأْمنوا بهم، ورغم أن النبي r
أتى بالقرآن وهو أعظم المعجزات، لأن كل معجزات الأنبياء قبله كانت حسية، ولما مات الأنبياء
لم يبق لهم معجزة بعدهم إلا ما يحكيه أتباعهم عما شاهده في زمانه، أما القرآن فباق
إلى آخر الزمان، ومستمر في تحديه للبشر، ومع ذلك طلبت قريش من الرسول r
معجزات حسية.
فإنَّ
أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ r أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً فَأَرَاهُمْ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ، وقد انشق شِقَّتَيْنِ فَقَالَ
النَّبِيُّ r
اشْهَدُوا، وكان مع بعض أصحابه في منى،
وكان انشقاقه فِرْقَتَيْنِ فِرْقَةً فَوْقَ الْجَبَلِ وَفِرْقَةً دُونَهُ، ورأوا
حراء بينهما([21]).
فقالت
قريش: هذا سحر ابن أبي كبشة([22])،
وقالوا: انتظروا ما يأتيكم به السفار([23])،
فإن محمدا لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم، قال: فجاء السفار فقالوا ذلك([24]).
طلب تحويل جبل
الصفا ذهبا:
ومما
سألت قُرَيْشٌ النبي r: أن يجعل لهم الصفا ذهبا وأن ينحي عنهم
الجبال فيزرعوا ويؤمنون به، فقال لهم: وَتَفْعَلُونَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ فَدَعَا،
فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ U يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ إِنْ شِئْتَ أَصْبَحَ لَهُمْ الصَّفَا
ذَهَبًا فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْهُمْ عَذَّبْتُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ
أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ وَإِنْ شِئْتَ فَتَحْتُ لَهُمْ بَابَ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ،
قَالَ: بَلْ بَابُ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ، وفي رواية: فَقِيلَ لَهُ: إِنْ شِئْتَ
أَنْ تَسْتَأْنِيَ([25])
بِهِمْ وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تُؤْتِيَهُمْ الَّذِي سَأَلُوا فَإِنْ كَفَرُوا أُهْلِكُوا
كَمَا أَهْلَكْتُ مَنْ قَبْلَهُمْ؟ قَالَ: لَا بَلْ أَسْتَأْنِي بِهِمْ، فَأَنْزَلَ
اللَّهُ U هَذِهِ الْآيَةَ: )وَمَا مَنَعَنَا
أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ
النَّاقَةَ مُبْصِرَةً(([26]).
جدال قريش
للرسول r:
لم
تقتصر قريش على إيذاء الرسول r وأصحابه، بل حاولت مجادلته لتغلبه بالحجة أو
تعجزه، فمن ذلك:
إِنَّ
رَسُولَ اللَّهِ r
قَالَ لِقُرَيْشٍ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُعْبَدُ مِنْ
دُونِ اللَّهِ فِيهِ خَيْرٌ، وَقَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ النصارى تَعْبُدُ
عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا تَقُولُ فِي مُحَمَّدٍ فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ
أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّ عِيسَى كَانَ نَبِيًّا وَعَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ
صَالِحًا، فَلَئِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَإِنَّ آلِهَتَهُمْ لَكَمَا تَقُولُونَ؟([27])
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
)وَلَمَّا
ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا إِذَا
قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ(([28]).
وقد
رد عليهم الرسول r
حجتهم، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ r إنّ كُلّ مَنْ أَحَبّ أَنْ يُعْبَدَ مِنْ
دُونِ اللّهِ فَهُوَ مَعَ مَنْ عَبَدَهُ، إنّهُمْ إنّمَا يَعْبُدُونَ الشّيَاطِينَ
وَمَنْ أَمَرَتْهُمْ بِعِبَادَتِهِ، فَأَنْزَلَ اللّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي
ذَلِكَ )إِنّ
الّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ لا
يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُون(([29])
أَيْ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَعُزَيْرًا، وَمَنْ عُبِدُوا مِنْ الْأَحْبَارِ
وَالرّهْبَانِ الّذِينَ مَضَوْا عَلَى طَاعَةِ اللّهِ فَاِتّخَذَهُمْ مَنْ
يَعْبُدُهُمْ مِنْ أَهْلِ الضّلَالَةِ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللّهِ([30]).
ومن
مجادلات قريش للرسول r أنها سألت اليهود أن أَعْطُونَا شَيْئًا
نَسْأَلُ هَذَا الرَّجُلَ؟ فَقَالوا:َ سَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ، فَسَأَلُوهُ عَنْ
الرُّوحِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى )ويَسْأَلُونَكَ
عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ
إِلا قَلِيلًا(([31])، قَالُوا:
أُوتِينَا عِلْمًا كَثِيرًا أُوتِينَا التَّوْرَاةَ وَمَنْ أُوتِيَ التَّوْرَاةَ
فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا، فَأُنْزِلَتْ
)
قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ
أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدً(([32])([33]).
كما
جادل بعض رجالات قريش في البعث فهذا العاص بن وائل جاء إلى رسول الله r
بعظم بال ففته فقال: يا محمد أيبعث الله هذا بعد ما أرِم([34])؟
قال: «نعم ، يبعث الله هذا ثم يميتك، ثم يحييك، ثم يدخلك نار جهنم»، فنزلت الآيات )أولم
ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين(([35]) إلى
آخر السورة([36]).
ومن
تعنت قريش وكبرها أنها طلبت من الرسول r أن يطرد أصحابه ليجلسوا معه ويستمعوا منه،
فنزل قول الله تعالى )وَلا تَطْرُدْ
الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ(،
وكان من أصحابه الحاضرين سعد ابن أبي وقاص، وعبدالله بن مسعود، وبلال بن رباح([37]).
وهذا
ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ r
فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْشِدْنِي، وَعِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ r
رَجُلٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ r
يُعْرِضُ عَنْهُ وَيُقْبِلُ عَلَى الْآخَرِ وَيَقُولُ: أَتَرَى بِمَا أَقُولُ
بَأْسًا؟ فَيَقُولُ: لَا، فعاتب الله U رسوله r وأنزل )عَبَسَ
وَتَوَلَّى * أن جاءه الأعمى(([38]).
([9]) لرَّجَزُ شِعْرٌ ابتداء أَجزائه سَبَبَان ثم وَتِدٌ وهو وَزْنٌ يسهل
في السَّمْع ويقع في النَّفْس.
([15]) المدثر: 11-25، والرواية في السيرة النبوية لابن هشام: 1/189،
دلائل النبة للبيهقي: 2/144، وقال محققه إسناده ضعيف لأن فيه راوي مجهول هو محمد
بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت ذكره ابن حبان في الثقات وقال عنه ابن حجر: مجهول.
([22]) ابنِ أَبي كَبْشةَ يعني رسولَ اللَّه r أَصلُه أَنَّ أَبا كبشة رجل من خزاعة خالف قريشاً
في عبادة الأَوثان وعبَدَ الشِّعْرَى العَبُورَ فسَمّى المشركون سيدّنا رسول اللَّه
r ابنَ أَبي كبشةَ لخلافه إِياهم إِلى عبارة اللّه
تعالى تشبيهاً به كما خالفهم أَبو كبْشة إِلى عبارى الشعْرى معناه أشنه خالَفنا كما
خالَفنا ابنُ أَبي كبشة وقال آخرون أَبو كبْشةً كنية وهب بن عبد مناف جدّ سيدِنا رسول
الله r من قِبَل أُمّه فنسب إِليه لأَنه كان نَزَع إِليه
في الشبَه وقيل إِنما قيل له ابن أَبي كَبْشة لأَنّ أَبا كبْشة كان زوْجَ المرأَة التي
أَرْضَعَتْه r.
([27]) يعني أن نتيجة كلام الرسول r أن عيسى مافيه خير أنه يعبد من دون الله (السيرة الصحيحة لأكرم
العمري: 1/163 ح4.
([28]) الزخرف: 57، مسند أحمد –شعيب-: 5/85-86 ح2918، وقال محققه:
إسناده حسن، ومعنى يصدون: يضجون، من الضجيج أي بعد أن غلبوا بالحجة
([30]) السيرة النبوية لابن هشام: 1/250-251، المستدرك على الصحيحين
للحاكم: 2/384-385، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.