تم النشر في : 2023-03-11

المبشرات وبعثة الرسول r

يشرّ عيسى u بالرسول r كما ورد في القرآن الكريم، قال الله تعالى: )وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ([1])(، ولقد أخبر سلمان الفارسي t في قصة طويلة تحكي رحلته في البحث عن الحقيقة، أن راهب عمورية أخبره بخروج النبي r وأن مهجره إلى أرض سبخة بين حرتين، وأن به علامات لاتخفى كأكله الهدية وأنه لايأكل الصدقة، وأن بين كتفيه خاتم النبوة.

وكان سلمان رجلا فارسيا من أهل أَصْبَهَانَ، من قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا جَيٌّ، وكان والده دِهْقَانَ قَرْيَتِهِ (رئيسها)، وكان يحب ابنه كثيرا، ومن شدة حبه له حبسه في بيته كما تحبس الجارية، وكان سلمان يعمل على خدمة النار التي تعبدها قريته وأسرته، فيعمل على إيقادها، كلما بدا أنها تخبوا، وكان لوالده أرض كبيرة مزروعة يتعهدها، فشغل عنها يوما فأرسل ابنه سلمان إليها، فسار إليها وفي طريقه مرّ بكنيسة للنصارى، فسمع أصواتهم وهم يصلون، وكان لايدري من أمر الناس شيئا لحبس والده له، فدخل الكنيسة ونظر إلى أهلها فأعجبته صلاتهم، وعرف أن الدين الذي هم فيه خير من دينه، فبقي معهم ذلك اليوم حتى غابت الشمس، ونسي أمر مزرعة أبيه، وسأل أصحاب الكنيسة عن منشأ هذا الدين فأخبروه أن منشأه من الشام، ثم عاد إلي أبيه وقد شُغل عليه، فلما عاد سأله أبوه أين كان فأخبره، فبيّن له أبوه أن دينه خير من دينهم، ولمّا أحس بعدم قناعة ابنه، قيده وحبسه في البيت.

أرسل سلمان إلى النصارى، بأن إذا قدم ركب من تجار الشام يعلموه بذلك، فلما قدم الركب أعلموه بذلك، فطلب منهم أن يعلموه إذا عزم على الرحيل وأراد العودة إلى الشام، فكان ذلك ففك قيده وانطلق معهم حتى قدم الشام، فلما وصلها سأل عن أفضل رجالها ممن يدين بالنصرانية، فدلوه على أسقف الكنيسة، فجاءه وطلب منه أن يسمح له أن يخدمه ويتعلم منه فوافق، واكتشف سلمان بأنه رجل سوء، وأنه يكنز المال الذي يتصدق الناس به لنفسه ولا ينفقه على المساكين، حتى جمع لنفسه مالا كثيرا وهذا ماأبغضه لسلمان، فلما مات أرادوا أن يدفنوه مكرما، فأخبرهم سلمان بحقيقته، ودلهم على المال فغضبوا عليه، وصلبوه ورجموه بالحجارة، ثم جاؤوا برجل آخر يقوم مقامه، فكان نعم الرجل في عبادته وزهده حتى أحبه سلمان، وأقام معه حتى دنا أجله، فسأله أين يتجه إذا مات، فأخبره أن يأتي رجلا في الموصل، فلما مات لحق بصاحب الموصل، وأخبره بما أوصاه صاحبه وطلب منه أن يسمح له بأن يقيم معه، فأجابه الرجل بما يريد، فأقام سلمان معه فوجده مثل صاحبه في العبادة والزهد، فلما حضرته الوفاة طلب منه ماطلب من الذي قبله، فدله على رجل بِنِصِّيبِينَ(([2]، فَلَمَّا مَاتَ وَغَيَّبَ لَحِقْ بِصَاحِبِ نِصِّيبِينَ، وطلب ما طلب من صاحبيه، فأجابه بما أجاب به صاحبيه، ووجده بمثل ماوجد صاحبيه، وبقي معه حتى دنا منه الموت، وطلب منه أن يدل على من يذهب إليه بعد وفاته، فدله على رجل بعمورية(([3]، وتكرر الأمر مع صاحب عمورية، وفيها عمل سلمان وتكسب حتى أصبح يملك بعض المال وعدد من البقر، ولما دنا الأجل من صاحب عمورية طلب سلمان منه ماطلب من أصحابه من قبل، فقال صاحب عمورية: أَيْ بُنَيَّ! وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ أَصْبَحَ عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ آمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ، وَلَكِنَّهُ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ، هُوَ مَبْعُوثٌ بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ، يَخْرُجُ بِأَرْضِ الْعَرَبِ مُهَاجِرًا إِلَى أَرْضٍ بَيْنَ حَرَّتَيْنِ، بَيْنَهُمَا نَخْلٌ، بِهِ عَلامَاتٌ لا تَخْفَى: يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّة، فَإِنْ استَطَعْتَ أَنْ تَلْحَقَ بِتِلْكَ الْبِلادِ فَافْعَلْ.

مات صاحب عمورية، ومكث سلمان بعض الوقت فيها، ثم التقى بنفر من تجار كلب، فطلب منهم أن يحملوه إلى بلاد العرب مقابل ماعنده من مال وبقرات، فوافقوا، ولكنهم لما وصلوا وادي القرى(([4]، غدروا به، وباعوه ليهودي، فلما رأى وادي القرى رجا أنها البلد التي وصفها له صاحب عمورية، وبقي يعمل عند ذلك اليهودي حتى جاءه ابن عم له من بني قريظة فاشتراه منه، وأخذه معه إلى المدينة، فلما رآها سلمان عرف أنها البلد التي وصفت له، ومكث فيها ماأراد الله أن يمكث، وكان النبي r في مكة، ولما هاجر إلى المدينة، كان سلمان على راس نخلة يعمل فيها وسيده تحت النخل جالس جاءه ابن عم له، وأخبره بمقدم النبي r والتفاف الأنصار حوله، فلما سمع سلمان ذلك أصابته رعدة وخاف أن يقع على سيده، فنزل مسرعا وسأل الرجل عما قال، فغضب سيده منه ولكمه، وطلب منه أن يعود إلى عمله.

كان سلمان قد جمع شيئا من التمر فلما أمسى جاء به إلى النبي r وهو بقباء فدخل عليه وقال: إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ وَمَعَكَ أَصْحَابٌ لَكَ غُرَبَاءُ ذَوُو حَاجَةٍ، وَهَذَا شَيْءٌ كَانَ عِنْدِي لِلصَّدَقَةِ، فَرَأَيْتُكُمْ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِكُمْ، قَالَ فَقَرَّبْتُهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه r لأَصْحَابِهِ: كُلُوا. وَأَمْسَكَ يَدَهُ فَلَمْ يَأْكُلْ، فأسرّ في نفسه أن هذه واحدة، ولما تحول الرسول r إلى المدينة جاءه وقد جمع تمرا آخر فقال: إِنِّي رَأَيْتُكَ لا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أَكْرَمْتُكَ بِهَا، قَالَ فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ r مِنْهَا، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَكَلُوا مَعَهُ، فقال سلمان في نفسه: هذه الثانية، ثم جاء سلمان إلى رَسُولَ اللَّهِ r وَهُوَ بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ، وَقَدْ تَبِعَ جَنَازَةً مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَيْهِ شَمْلَتَانِ ُ(([5] لَهُ، فلما جَلس مع أَصْحَابِهِ، سلّم سلمان عليه ثم استدار لينظر إلى ظهره هل يرى الخاتم الذي وصفه له صاحبه، فلما رآه رسول الله r يفعل ذلك عرف مايريد، فكشف له عن ظهره، فرأى سلمان الخاتم فعرفه فانكب عليه يقبله وهو يبكي، فَقَالَ له رَسُولُ اللَّه :r  تَحَوَّلْ. فَتَحَوَّلْ وقصّ عليه خبره، فأعجب الرسول r بقصته، وأحب أن يسمعها أصحابه، ثم شُغل سلمان بالرق، فلم يشهد بدرا ولا أحدا، وطلب رسول الله r منه أن يكاتب، فكاتب صاحبه عَلَى ثَلاثِ مِائَةِ نَخْلَةٍ يحييها لَهُ بِالْفَقِيرِ([6]) وَبِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً، فأخبر الرسول r فطلب من أصحابه أن يعينوه، فأعانوه، كما أعانه النبي r بغرسها، وأعانه ببيضة من ذهب، أدت عنه ماكاتبه به اليهودي، واعتق من رقه([7]).

وذكر أن زيد بن عمرو بن نفيل([8]) الذي قال عنه النبي r: "أنه يبعث يوم القيامة أمة وحده"، كان على الحنيفية ملة إبراهيم u([9])، وأما خبره:

فقد عاش زيد في مكة والتقى بالرسول r قبل أن يبعث بِأَسْفَلِ بَلْدَحَ([10])، فَقُدِّمَتْ إِلَى زيد  سُفْرَةٌ فيها لحم  فأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ: إِنِّي لَسْتُ آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ ([11])، وَلاَ آكُلُ إِلاَّ مَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَأَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرٍو كَانَ يَعِيبُ عَلَى قُرَيْشٍ ذَبَائِحَهُمْ، وَيَقُولُ الشَّاةُ خَلَقَهَا اللَّهُ، وَأَنْزَلَ لَهَا مِنَ السَّمَاءِ الْمَاءَ، وَأَنْبَتَ لَهَا مِنَ الأَرْضِ، ثُمَّ تَذْبَحُونَهَا عَلَى غَيْرِ اسْمِ اللَّهِ إِنْكَارًا لِذَلِكَ وَإِعْظَامًا لَهُ([12]).

ثم أنه خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ، يَسْأَلُ عَنِ الدِّينِ وَيَتْبَعُهُ فَلَقِىَ عَالِمًا مِنَ الْيَهُودِ، فَسَأَلَهُ عَنْ دِينِهِمْ، فَقَالَ: إني لَعَلِّي أَنْ أَدِينَ دِينَكُمْ، فأخبرني. فَقَالَ: لاَ تَكُونُ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ. قَالَ زَيْدٌ: مَا أَفِرُّ إِلاَّ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ، وَلاَ أَحْمِلُ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ شَيْئًا أَبَدًا، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُهُ فَهَلْ تدلني عَلَى غَيْرِهِ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا. قَالَ زَيْدٌ وَمَا الْحَنِيفُ قَالَ دِينُ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلاَ يَعْبُدُ إِلاَّ اللَّهَ. فَخَرَجَ زَيْدٌ فَلَقِيَ عَالِمًا مِنَ النَّصَارَى، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَقَالَ: لَنْ تَكُونَ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ. قَالَ: مَا أَفِرُّ إِلاَّ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ، وَلاَ أَحْمِلُ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ وَلاَ مِنْ غَضَبِهِ شَيْئًا أَبَدًا، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُ فَهَلْ تدلني عَلَى غَيْرِهِ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا. قَالَ: وَمَا الْحَنِيفُ؟ قَالَ: دِينُ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلاَ يَعْبُدُ إِلاَّ اللَّهَ. فَلَمَّا رَأَى زَيْدٌ قَوْلَهُمْ في إِبْرَاهِيمَ u خَرَجَ، فَلَمَّا بَرَزَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إني أَشْهَدُ أَنِّي عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ.

قال زيد: شاممت([13]) النصرانية واليهودية، فكرهتهما، فكنت بالشام، فأتيت راهبا، فقصصت عليه أمري، فقال: أراك تريد دين إبراهيم u، يا أخا أهل مكة! إنك لتطلب دينا ما يوجد اليوم، فالحق ببلدك، فإن الله يبعث من قومك من يأتي بدين إبراهيم، بالحنيفية، وهو أكرم الخلق على الله([14]).

وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ J قَالَتْ: رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَائِمًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ يَقُولُ: يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ، وَاللَّهِ مَا مِنْكُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِى، وَكَانَ يُحْيِى الْمَوْءُودَةَ، يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ لاَ تَقْتُلْهَا، أَنَا أَكْفِيكَهَا مَئُونَتَهَا. فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ قَالَ لأَبِيهَا: إِنْ شِئْتَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ، وَإِنْ شِئْتَ كَفَيْتُكَ مَئُونَتَهَا([15])

كما أن يهود المدينة كانوا يعرفون زمان مبعثه r، وكانوا يظنون أنه منهم ويتوعدون العرب به، فلما ظهر النبي r أنكروه لأنهم اكتشفوا أنه من العرب رغم معرفتهم بعلاماته، قال تعالى: )ولمّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ(([16])، يقول رجل من الأنصار في نزول هذه الآية: إنّ مِمّا دَعَانَا إلَى الإِسْلامِ مَعَ رَحْمَةِ اللّهِ تَعَالَى وَهَدَاهُ لَنَا، لَمَا كُنّا نَسْمَعُ مِنْ رِجَالِ يَهُودَ وَكُنّا أَهْلَ شِرْكٍ أَصْحَابَ أَوَثَانٍ وَكَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ عِنْدَهُمْ عِلْمٌ لَيْسَ لَنَا، وَكَانَتْ لا تَزَالُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ شُرُورٌ فَإِذَا نِلْنَا مِنْهُمْ بَعْضَ مَا يَكْرَهُونَ قَالُوا لَنَا: إنّهُ قَدْ تَقَارَبَ زَمَانُ نَبِيّ يُبْعَثُ الآنَ نَقْتُلُكُمْ مَعَهُ قَتْلَ عَادٍ وَإِرَمٍ فَكُنّا كَثِيرًا مَانَسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُمْ. فَلَمّا بَعَثَ اللّهُ رَسُولَهُ r أَجَبْنَاهُ حِينَ دَعَانَا إلَى اللّهِ تَعَالَى، وَعَرَفْنَا مَا كَانُوا يَتَوَعّدُونَنَا بِهِ فَبَادَرْنَاهُمْ إلَيْهِ فَآمَنّا بِهِ وَكَفَرُوا بِهِ([17]).

عَنْ سَلَمَةَ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ، وَكَانَ سَلَمَةُ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ، قَالَ كَانَ لَنَا جَارٌ مِنْ يَهُودَ فِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ. قَالَ فَخَرَجَ عَلَيْنَا يَوْمًا مِنْ بَيْتِهِ حَتّى وَقَفَ عَلَى بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَل ِ -قَالَ سَلَمَةُ وَأَنَا يَوْمئِذٍ مِنْ أَحْدَثِ مَنْ فِيهِ سِنّا، عَلَيّ بُرْدَةٌ لِي، مُضْطَجِعٌ فِيهَا بِفِنَاءِ أَهْلِي- فَذَكَرَ الْقِيَامَةَ وَالْبَعْثَ وَالْحِسَابَ وَالْمِيزَانَ وَالْجَنّةَ وَالنّارَ. فَقَالَ ذَلِكَ لِقَوْمٍ أَهْلِ شِرْكٍ أَصْحَابِ أَوَثَانٍ لَا يَرَوْنَ أَنّ بَعْثًا كَائِنٌ بَعْدَ الْمَوْتِ. فَقَالُوا لَهُ: وَيْحَك يَا فُلَانُ أَوَ تَرَى هَذَا كَائِنًا، أَنّ النّاسَ يُبْعَثُونَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ إلَى دَارٍ فِيهَا جَنّةٌ وَنَارٌ يُجْزَوْنَ فِيهَا بِأَعْمَالِهِمْ؟ قَالَ: نَعَمْ وَاَلّذِي يُحْلَفُ بِهِ وَلَوَدّ أَنّ لَهُ بِحَظّهِ مِنْ تِلْكَ النّارِ أَعْظَمَ تَنّورٍ فِي الدّارِ يَحْمُونَهُ ثُمّ يُدْخِلُونَهُ إيّاهُ فَيُطَيّنُونَهُ عَلَيْهِ بِأَنْ يَنْجُوَ مِنْ تِلْكَ النّارِ غَدًا. فَقَالُوا لَهُ: وَيْحَك يَا فُلَانُ فَمَا آيَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَبِيّ مَبْعُوثٌ مِنْ نَحْوِ هَذِهِ الْبِلَادِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى مَكّةَ وَالْيَمَنِ. فَقَالُوا: وَمَتَى تَرَاهُ؟ قَالَ فَنَظَرَ إلَيّ وَأَنَا مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنّا، فَقَالَ: إنْ يَسْتَنْفِدْ هَذَا الْغُلَامُ عُمْرَهُ يُدْرِكْهُ. قَالَ سَلَمَةُ: فَوَاَللّهِ مَا ذَهَبَ اللّيْلُ وَالنّهَارُ حَتّى بَعَثَ اللّهُ مُحَمّدًا رَسُولَهُ r وَهُوَ حَيّ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، فَآمَنّا بِهِ وَكَفَرَ بِهِ بَغْيًا وَحَسَدًا. فَقُلْنَا لَهُ: وَيْحَك يَا فُلَانُ أَلَسْت الّذِي قُلْتَ لَنَا فِيهِ مَا قُلْت؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ لَيْسَ بِهِ([18]).

مهد الله لمبعث نبيه وهيأه لنزول الوحي عليه بأمور منها: تسليم الحجر عليه قبل النبوة كما أخبر، ومنها الرؤيا الصادقة.

فقد روى أحمد من حديث جابر بن سمرة t عن النبي r قال: "إِنِّي لأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ إِنِّي لأَعْرِفُهُ الآنَ"، كما أنه كان يرى ضوءً ويسمع صوتا، فيظن في نفسه أنه أصابه جنون، ولكن الله U شرح صدر زوجه خديجة J فتصدقه وتقول له: لَمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَفْعَلَ ذَلِكَ بِكَ يَا ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وكانت تأتي ابن عمها ورقة بن نوفل([19]) وكان قرأ الكتاب المقدس بالعبرانية وتنصر وكان شيخا كبيرا قد عمي، فتخبره، فيقول: إِنْ يَكُ صَادِقًا فَإِنَّ هَذَا نَامُوسٌ مِثْلُ نَامُوسِ مُوسَى فَإِنْ بُعِثَ وَأَنَا حَيُّ فَسَأُعَزِّزُهُ وَأَنْصُرُهُ وَأُومِنُ بِهِ([20]).

ثم أنه كان يرى الرؤيا في المنام، فتصدق رؤياه وتأتي بوضوح كوضوح ضوء الصبح، والرؤيا الصادقة أحد مراتب الوحي، ثم حبب إليه العزلة والتعبد، فكان يعتزل قومه في غار حراء الليالي، قد تصل إلى شهر، وكان يتزود([21]) لذلك، ويعود إلى أهله ليتزود منهم كلما نفذ غذاءه، حتى يقضي المدة التي حددها لنفسه في اعتزاله للناس، وكان يطعم من يمر عليه من المساكين.

وفي اثناء تحنثه في الغار جَاءَهُ الْحَقُّ في شهر رمضان، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ. قَالَ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فأخذه فغطاه([22]) حَتَّى بَلَغَ مِنِّه الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَه فَقَالَ: اقْرَأْ. قال: مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فأخذه فغطاه حَتَّى بَلَغَ مِنِّه الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَه، فَقَالَ: اقْرَأْ فَقُالْ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فأخذه فغطاه الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَه، فَقَالَ: )اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ(([23]).

فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ r يَرْجُفُ([24]) فُؤَادُهُ فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ J فَقَالَ: زَمِّلُونِي([25]) زَمِّلُونِي، فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فأخبر ِخَدِيجَةَ الْخَبَرَ وقال: لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي، فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، ثم انْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ. فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ r خَبَرَ مَا رَأَى، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ([26]) الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى([27]) يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا([28]) لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلا عُودِيَ وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وانقطع الْوَحْيُ.

كان عمر رسول الله r حين بعث أربعين سنة، ثم انقطع الوحي عنه، ومع انقطاع الوحي عنه فترة من الزمن حَزِنَ النَّبِيُّ r حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى([29]) مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ فَكُلَّمَا أَوْفَى([30]) بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا. فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ وَتَقِرُّ نَفْسُهُ فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ([31]).

ثم بينما هو واقف رفع رأسه إلى السماء، فظهر له جبريل u على كرسي بين السماء والأرض، فخاف ثانية وعاد إلى زوجه وهو يقول: زملوني زملوني، دثروني([32])، فأنزل الله تعالى: )يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ(([33])، ثم تتابع الوحي.

ولعل الوحي أنقطع عنه مرة أخرى عندما مرض رسول الله r فلم يقم ليلتين أو ثلاثا، فقالت امرأة أبي لهب: إني لأرجو أن شيطانك قد تركك فَأَنْزَلَ اللَّهُ U )وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى(([34])

أُمر رسول الله r بقيام الليل، لأن مشقة قيام الليل تعينه على تحمل مشقة نزول الوحي عليه([35])، حيث كان الرسول r يعالج من التنزيل شدة، فكان جبينه يتفصد([36]) عرقا في اليوم الشديد البرد، وكان وجهه يتغير ويكرب، وجسده يثقل، وقد وصف زيد بن ثابت t ذلك بقوله: إنِّي قَاعِدٌ إِلَى جَنْبِ النَّبِيِّ r يَوْمًا إِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِ، وَغَشِيَتْهُ السَّكِينَةُ وَوَقَعَ فَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي حِينَ غَشِيَتْهُ السَّكِينَةُ، فَلا وَاللَّهِ مَا وَجَـدْتُ شَيْئًا قَـطُّ أَثْقَلَ مِنْ فَخـِذِ رَسُولِ اللَّهِ r.

وقد سئل الرسول r كيف يأتيه الوحي؟ فأجاب قائلا: أَحْيَانًا يَأْتِينِي فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ([37]) الْجَرَسِ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ فَيَفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ مَا قَالَ وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ رَجُلا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ.

بدأ رسول الله r دعوته سرا، واستمرت ثلاث سنين، وكانت تدعو إلى توحيد العبادة لله U ونبذ عبادة الأصنام، وقد ركز الرسول دعوته في البداية على من له صلة بهم، فدعا زوجته خديجة J التي آمنت به وصدقته، كما دعا صديقه أبابكر t ودعا ابن عمه علي بن أبي طالب t ودعا مولاه زيد بن حارثة t، فاستجاب هؤلاء كلهم لدعوته، وتحرك هؤلاء كل في وسطه يدعون الناس بسرية تامة حتى توسعت دائرة الإسلام، وكان أكثرهم نشاطا أبوبكر الصديق t الذي استطاع أن يجتذب عددا من رجالات قريش ومن الموالي منهم: عثمان بن عفان والزبير بن العوام وطلحة بن عبيدالله وسعد بن أبي وقاص وعبدالرحمن بن عوف وأبوعبيدة عامر بن الجراح وعثمان بن مظعون والأرقم بن أبي الأرقم وبلال بن رباح وصهيب بن سنان الرومي وعمار بن ياسر ووالديه y.



([1]) سورة الصف: آية 6

([2]) مدينة تاريخية في الجزيرة الفراتية العليا ومنطقة إدارية تقع حاليًا ضمن حدود تركيا

([3]) كانت مدينة في فريجيا في آسيا الصغرى، بقاياها تقع بالقرب من قرية حصار كوي في محافظة أفيون قرة حصار بتركيا

([4]) تعرف اليوم بالعلا

([5]) الكِساَء والمئزرُ يُتَّشح به

([6]) حفير يحفر حول الفَسِيلة إِذا غرست.

([7]مسند الإمام لأحمد: 17/95 ح23627، وقال محققه إسناده صحيح، الوادعي: الصحيح المسند من دلائل النبوة: 55- 59 وحسنه.

([8]) هُوَ اِبْن عَمّ عُمَر بْن الْخَطَّاب بْن نُفَيْلٍ، وَهُوَ وَالِد سَعِيد بْن زَيْد أَحَد الْعَشَرَة؛ وَكَانَ مِمَّنْ طَلَبَ التَّوْحِيد وَخَلَعَ الْأَوْثَان وَجَانَبَ الشِّرْك، لَكِنَّهُ مَاتَ قَبْل الْمَبْعَث.

([9]) الآحاد والمثاني، ابن أبي عاصم: 2/75

([10]) وادي في طريق التنعيم.

([11]) النصب: حَجَرٌ كانوا يَنصِبونه في الجاهلية ويَتَّخِذونه صَنَماً فيعبدونه والجمع: أنصاب.

([12]) صحيح البخاري، في المناقب، باب حديث زيد بن عمرو بن نفيل.

([13]) الشَّمَمُ: القُرْبُ

([14]) ابن سعد، الطبقات الكبرى: 1/162، الذهبي، سير أعلام النبلاء: 1/132.

([15]) صحيح البخاري, كتاب مناقب الأنصار، باب24, فتح الباري: 7/201-202

([16]) سورة البقرة: آية 89

([17]) السيرة النبوية، ابن هشام: 1/156، وقال محققه: أسناده حسن

([18]) مسند أحمد، (ت شعيب): 25/164-165 ح15841، وقال محققه: إسناده حسن، السيرة النبوية، ابن هشام: 1/156، وقال محققه: إسناده صحيح

([19]) وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخُو أَبِيهَا.

([20]) مسند أحمد: 3/261 ح2846

([21]) الزاد: الطعام والشراب.

([22]) غطاه: خنقه.

([23]) سورة العلق: الآيات 1-5

([24]) الاضْطِرابُ الشديدُ.

([25]) َالتَّزْمِيل: التَّلْفِيف.

([26]) النَّامُوس: صَاحِب السِّرّ، والمراد به جبريل u.

([27]) قَوْله "عَلَى مُوسَى" وَلَمْ يَقُلْ عَلَى عِيسَى مَعَ كَوْنه نَصْرَانِيًّا؛ لِأَنَّ كِتَاب مُوسَى u  مُشْتَمِل عَلَى أَكْثَر الْأَحْكَام، بِخِلَافِ عِيسَى.

([28]) كَأَنَّهُ تَمَنَّى أَنْ يَكُون عِنْد ظُهُور الدُّعَاء إِلَى الْإِسْلَام شَابًّا لِيَكُونَ أَمْكَنَ لِنَصْرِهِ، وَبِهَذَا يَتَبَيَّن سِرّ وَصْفه بِكَوْنِهِ كَانَ كَبِيرًا أَعْمَى.

([29]) تردى: سقط.

([30]) أوفى: أشْرَف واطَّلَعَ.

([31]) انظر تعليق الدكتور أكرم العمري على ذلك وتضعيفه لهذه المقولة في السيرة النبوية الصحيحة: 1/126 حاشية 2، والرواية نقلها الإمام أحمد: 18/99-100 ح25835

([32]) غَطُّوني بِما أدْفَأُ به.

([33]) سورة المدثر: الآيات 1-5

([34]) سورة الضحى

([35]) وكان ذلك بنزول سورة الزمر وفيها تقسيم بديع لما ينبغي أن يسير عليه النبي r في قضاء وقته اليومي حتى يتمكن من القيام بأعباء هذه الرسالة (إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا)، وقد رتب الله المهمات اليومية التي لا ينبغي أن يخلو منها الجدول اليومي للمسلم:

-        قيام الليل )قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا _ نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا(

-        ترتيل القرآن وليس مجرد القراءة )وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا(، مع ارتباط ذلك بالليل )إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا(

-        العمل الجاد بالنهار لأنه وقته )إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا( أي تقلبا وتصرفا في مهماتك واشتغالا بما خلقك الله من أجله.

-        الإكثار من ذكر الله كل وقت )وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا(

-        التخلق بالصبر على مايقولون )وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا(

-        ثم يختم هذا التقسيم بقوله: )إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا(

-        وفي الآية الأخيرة من السورة نلاحظ التدقيق في العناية بالدقائق والثواني بشكل ظاهر )إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(

([36]) يتفصد: يسيل.

([37]) الصَّلْصَلة : صَوتُ الحَديدِ إذا حُرَّكَ . يقال صَلَّ الحديدُ وصَلْصَل. والصَلْصَلة أشِدُّ من الصَّليل. (النهاية في غريب الحديث)